-A +A
بحث وتحقيق: خالد ربيع السيد
ما تقتبسه السينما المصرية من الأفلام الأمريكية يصعب حصره، لأنها أحيانا تنقل مشهدا أو لوحة معينة، وفي الغالب الأعم تأخذ فيلماً كاملاً وبكل تفصيلاته.. ومؤخراً استقرت هيفاء وهبي على تمثيل فيلم مستوحى من أحد أفلام مارلين مونرو، كما أن أخر الإقتباسات للسينما المصرية فيلم المغني حمادة هلال «الحب كده» الذي عرض في صالات السينما المصرية خلال عيد الفطر، لحد الآن لا يوجد اي شيء خارج عن المألوف، لكن ما يثير الدهشة هو ان كل لقطة من الفيلم هي «مقتبسة» طبق الاصل بالفكرة وزوايا التصوير والحركة من الفيلم الامريكي الكوميدي العائلي «هل وصلنا؟ Are We There Yet?» للممثل ومغني الراب الامريكي Ice Cube. ما يثير الدهشة والإمتعاض هو هذا التمادي والإمعان في آلية الإقتباس، وكأن السينما المصرية فاقدة، لأبسط حرفيات الإبداع في اجتراح الأفكار والموضوعات الخاصة بها، بل وان منهجية الإقتباس أخذت طابع المشروعية ، ومنذ بدايات تقليد إسماعيل ياسين لأفلام «نورمن ويزدوم»، ثم عبدالحليم حافظ لأفلام الفيس بريسلي، وقبل سنوات محمد صبحي لأفلام مستر بن.. والى يومنا الراهن لم تناقش المسألة على أنها نقيصة يجب التوقف عنها. وهكذا فإن تاريخ السينما المصرية في الاقتباس من السينما العالمية تاريخ طويل ومنهجية تتبع بشكل مستمر وتكاد لا تنقطع، فهناك فيلم (عيون لا تنام) لرأفت الميهي الذي يتشابه حد التطابق مع فيلم أمريكي أخرجه (دلبرت مان) وقام ببطولته (أنطوني بيركنز) و(صوفيا لورين) عام 1960عن أجواء مسرحية (رغبة تحت شجرة الدردار) للأديب الأمريكي يوجين أونيل. ومن أشهر الأفلام المصرية المقتبسة فيلم (عجائب يا زمن) لحسن الامام 1974م المأخوذ من الفيلم الأمريكي الكلاسيكي (شرق عدن) الذي أخرجه (إيليا كازان) عام 1954م وقام ببطولته النجم (جيمس دين).
في منتصف الستينات قدم المخرج (روبرت وايز) فيلم قصة (الحي الغربي) وفيلم (صوت الموسيقى) وبعد ما يقارب خمسة عشر عاماً اقتبست السينما المصرية قصة (الحي الغربي) بنفس الاسم من إخراج عادل صادق، في النسخة الأمريكية من هذا الفيلم قام المخرج (روبرت وايز) بمعالجة أمريكية لمسرحية (روميو وجولييت) لشكسبير حول علاقة حب بين فتاة وفتى يدب العداء بين أسرتيهما فيموتان في النهاية، وقد اختار (وايز) أحد الأحياء في مدينة أمريكية يدور فيها الصراع بين مجموعتين من المهاجرين ووسط هذا الصراع تعشق بطلة الفيلم (ناتالي وود) شاباً من المجموعة المتنافسة، وعندما فكر السينمائي المصري في الاقتباس فاته أنه أمام عمل شكسبيري فجاء ببطلين من أبطال السينما المصرية ليمثلا طرفي الصراع في الحي الغربي والشرقي بحيث خلا الفيلم المصري من عناصر الإبهار الاستعراضي وهذا ما يؤكد بحث المقتبس المصري عن الفكرة والحدوتة فقط. أما فيلم (حب أحلى من الحب) لحلمي رفلة 1975م المأخوذ عن فيلم (صوت الموسيقى) فقد خلا أيضاً من كل عناصر الإبهار والخلفيات الجميلة التي صور فيها فيلم (وايز) في ربوع جبال النمسا واستبدل حديقة منزل البطل محمود يس بها!.

ولم تكن هذه الاقتباسات للمغمورين من ممثلي السينما المصرية بل إن الكثير من أبطال السينما المصرية المشهورين كانوا يقومون بنفس العمل ومنهم الممثل (عادل إمام) الذي جسد أدواراً عديدة سبق أن جسدت من قبل روبرت ردفورد وكلاك جيبل وأدوارد روبنسون. وقد عمل عادل في هذه الأفلام مع نيازي مصطفى وسمير سيف ومحمد عبدالعزيز وأحمد فؤاد ومن أهمها فيلم (البحث عن فضيحة) 1973م لنيازي مصطفى وهو مأخوذ عن فيلم (دليل الرجل المتزوج) الذي أخرجه جين كيلي قبل ذلك بست سنوات. كذلك من أشهر الأفلام التي قدمها عادل إمام فيلم (ليلة شتاء دافئة) المأخوذ من فيلم (يحدث في ليلة واحدة) للمخرج فرانك كابرا عام 1934، و(عصابة حمادة وتوتو)، و(خلي بالك من جيرانك) المأخوذ من فيلم (أقدام حافية في الحديقة) لروبرت ردفود عام 1968م، و(انتخبوا الدكتور سليمان عبدالباسط) و(حنفي الابهة)، وفيلم (المشبوه) لسمير سيف المأخوذ من فيلم (كان لصاً).
وهناك عدة أمثلة مشهورة لأفلام مصرية أخذت حكايتها بالكامل من أعمال أجنبية مثل فيلم (آه يابلد) المأخوذ بشكل مباشر عن التحفة الشهيرة (زوربا اليوناني) التي لعب بطولتها «أنتوني كوين». أيضاً هناك فيلم (الإمبراطور) للراحل أحمد زكي الذي أخذ عن الفيلم الأمريكي (الوجه ذو الندبة) وقام ببطولته «آل باتشينو» عام 1983.وقد وصف أحد النقاد المصريين أن السينما الأمريكية هي الأم غير الشرعية للسينما في مصر فحتى النصف الثاني من التسعينات تم اقتباس الفيلم الأمريكي (امرأة جميلة) لجوليا روبرتس في فيلمين هما (خادمة ولكن) إلهام شاهين و(الجينز) لجالا فهمي. أما الأفلام التي أخذت من مصادر فرنسية فمن أشهرها فيلم (علاقة خطرة) وقد اقتبسه كاتب السيناريو مصطفى محرم عن فيلم فرنسي لاندريه كايات يحمل عنوان (أخطار المهنة) عام 1967م، ومن أفلام الحركة فيلم (سلام يا صاحبي) لنادر جلال المأخوذ عن (بورسالينينو) لجاك دايري ولم يعتمد كاتب السيناريو إبراهيم الموجي على الفيلم الفرنسي فقط بل اقتبس مشاهد عديدة من فيلم (حدث ذات مرة في أمريكا) لسيرجيو ليوني، أما الفيلم الثالث (دعوني انتقم) لتيسير عبود فقد أخذ عن (البنادق الكبرى) من إخراج دتشيو تساري. فيلم «طأطأ وريكا وكاظم بيه» منقول بالنص والمشهد والحوار بل وبطريقة أداء الممثلين من فيلم «حكاية منتصف الليل» من بطولة ستيف مارتن.
ومن الأفلام التي أخذتها السينما المصرية من مصادر إنجليزية يأتي فيلم (الندم) لنادر جلال عام 1975م وهو مقتبس من فيلم بريطاني Dulcima وكان اسمه التجاري الذي عرض به في مصر (العجوز والمراهقة) بطولة جون ما يلز، كذلك أشهر مسرحية مصرية وهي (مدرسة المشاغبين) والتي حولت لفيلم مصري أيضاً بنفس الاسم بطولة نور الشريف وميرفت أمين وهو الاسم التجاري للفيلم الذي قام ببطولته سيدني بواتييه عام 1967م To sir with love من اخراج بيتر جلنفيل.
ومن فيلم (الشاهد) Witness 1968م الذي قام ببطولته النجم الأمريكي (هاريسون فورد) التقط (حلمي رفلة) حكاية الفيلم ليقدمها في قالب مصري في فيلم (غرام تلميذة) عام 1972م وحول الشاهد إلى تلميذة - نجلاء فتحي-، كما اقتبس فاضل صالح عام 1983م فيلم (البرنس) عن فيلم عرض قبل ذلك بأربع وثلاثين سنة بعنوان (ناس طيبون وحفل تتويج) أخرجه روبرت هامر عام 1963م، أما فيلم (الأبالسة) لعلي عبدالخالق 1977م فهو قريب في موضوعه من فيلم كاوبوي انجليزي قام ببطولته ديرك بوجارد بعنوان (المغني لا الأغنية) عام 1963م.
وبالنسبة للسينما الايطالية ورغم اعتمادها على الواقعية والتي قد تشاركها فيها السينما المصرية إلا أنها لم يقتبس منها سوى القليل مثل (زهرة عباد الشمس) لفيتور دى سيكا عام 1968م والذي اقتبسه المخرج علي عبدالخالق بعنوان (وضاع حبي هناك)، ومن المسرح السويدي اقتبست السينما المصرية مسرحية (الأب) التي قدمها أحمد يحي في فيلمه الأول (العذاب امرأة)، ومن مسرح شمال أوربا قدم بهاء الدين شرف عام 1964م فيلمه (أيام ضائعة) من مسرحية الكاتب هنريك أبسن (أعمدة المجتمع)، ومن الأفلام التي اعتمدت على المصادر الاسبانية فيلم (امرأة من زجاج) لنادر جلال عام 1976م ثم (دماء على الثوب الأبيض) لحسام الدين مصطفى عام 1995م عن مسرحية ( دكتور بالمى) لأنطونيو جالا، أما المصادر التركية فمنها (ومضى قطار العمر) لعاطف سالم الذي اقتبسه فريد شوقي بكامل تفاصيله عن فيلم عرض في أسبوع الفيلم التركي الذي أقيم بالقاهرة عام 1974م بعنوان (بابا) من إخراج يلماظ جوناي وبطولته، والفيلم الثاني كان (عنتر شايل سيفه) لأحمد السبعاوي عام 1982م وهو مقتبس عن فيلم تركي بعنوان (العذاب) من إخراج توركان شواري ولم يكن معروفا مصدره حتى صرح به المنتج سعد شنب في مؤتمر صحفي وأكد أنه قام بتغيير بعض أحداث الفيلم التركي عند نقله للشاشة المصرية لمرضاة الرقابة المصرية.
«أصحاب والاّ بيزنس» و«جاءنا النبأ التالى»، كلاهما عن الفيلم الأمريكى «أحب المتاعب». «ليه خلتنى أحبك»، عن الفيلم الامريكي «زواج أعز صديقاتى» لجوليا روبرتس، جواز بقرار جمهورى، عن الفيلم الايطالى «الباب». السلم والثعبان، عن الفيلم الأمريكى «حول الليلة الأخيرة» والذى يعد المعالجة السينمائية لمسرحية «دافير مامت» شورت وفانلة وكاب، عن الفيلم الأمريكى «أجازة رومانية». فرقة بنات وبس، عن فيلم «البعض يفضلونها ساخنه» لمارلين مونرو. الوردة الحمراء، عن الفيلم الأمريكى «جيليدا». استاكوزا، عن مسرحية ترويض النمره. قشر البندق، عن الفيلم الأمريكى «انهم يقتلون الجياد». الارهاب والكباب، عن الفيلم الأمريكى «بعد ظهر يوم لعين» لآل باتشينو. فيلم «طأطأ وريكا وكاظم بيه» منقول بالنص والمشهد والحوار بل وبطريقة أداء الممثلين من فيلم «حكاية منتصف الليل» من بطولة ستيف مارتن. عصر القوة والسلخانة، كلاهما عن فيلم «الأب الروحى» المبنى على قصّة ماريو بوزو بنفس الاسم. قبضة الهلالى، عن الفيلم الأمريكى «نافذة البدروم». شباب على كف عفريت، عن الفيلم الهندى «قمر أكبر أنطونى». الأهطل، عن الفيلم الايطالى «سيداتى سادتى». شمس الزناتي بطولة عادل إمام. القصة مقتبسة عن الفيلم الأمريكي (العظماء السبعة) (بالإنجليزية: The Magnificent Seven). وأخيرا وليس آخرا «حنفى الأبّهه» لعادل امام عن الفيلم الأمريكى «48 ساعه» لإيدي ميرفي.